jeudi 6 novembre 2008

يقتل الميت ويمشي في جنازته

قديما ردد أجدادنا المغاربة هذا المثل الذي يصف صلافة الرجل القاتل، الذي لا يكتفي بما اكتسبه من صفات انعدام الرحمة وموت الضمير بحيث لا يتورع عن سفك دم الإنسان، وهو مع ذلك يملك القدرة على التظاهر بحب القتيل والوفاء له، حتى أنه يمشي في جنازته وربما يتوعد بالبحث عن القاتل والانتقام منه، فقالو: "يقتل الميت ويمشي في جنازته".

ورغم أن السلطات المغربية لم تعد تستخدم الرصاص لقتل المعارضين و"الأوباش" من أبناء الشعب، فإنها احتفظت بصلافتها و"صحة الوجه" بحيث أنها لا تملك القدرة على إنكار جميع الجرائم التي ترتكبها فحسب ولكنها تتمتع بالمقدرة الهائلة على التغطية على تلك الأعمال السيئة والتمويه عليها.

وفي هذا السياق يأتي إعلان السلطات المغربية عن جائزة حقوق الإنسان في شخص ما يسمى بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي أنشأته للتغطية على خطاياها الماضية التي لا تنوي حتى التكفير عنها ، إذ أن عددا كبيرا من المقابر الجماعية لضحايا الانتفاضات الشعبية ومختطفي سنوات الجمر والرصاص تكفلت الصدفة بالكشف عنها من قبل المواطنين في أثناء ترميم الحدائق أو تجهيز المساكن، ولا يدري أحد كم عدد الضحايا الذين لم يتعرف ذووهم بعد على مدافنهم، كما أن الدولة لم تتحل بالشجاعة لتكشف عن حقيقة مسؤوليتها عن اختفاء الشهيد المهدي بنبركة أشهر معارض سياسي مغربي تعرض للاغتيال بفرنسا.

ولن نتكلم عن قمع الحركات الاحتجاجية للمعطلين وضحايا الفقر والتهميش والكوارث الطبيعية والبشرية، ولا عن محاكمات الصحافة والرأي، ولا عن الاعتقال السياسي ومحاكمات مكافحة الإرهاب المسيسة، ولن نتكلم عن استشراء الفساد والرشوة واقتصاد الامتيازات، لن نتكلم عن شيء من ذلك لسبب وحيد فقط، وهو أن الكلام عنه لا تكفيه أيام سنة، ولا أوراق مكتبة، ولا عمر رجل، إنها جرائم ترتكب في حق شعب مجهل مجوع محتقر من قبل سلطة احترفت الغش والخداع لسنوات، سلطة لا يؤنبها الضمير ولا تعترف بالحقوق، سلطة تقتل القتيل وتشيع جنازته.

سعيد بن جبلي

hespress